-A +A
محمد أبو داود
التشديد على تطبيق المواصفات وتحسينها أساسا لتناسب ظروف المملكة التخزينية مهمة جديدة قبل التجني على المقاولين والاستشاريين والتجار والمصنعين والموزعين واتهامهم بالجشع وبالفساد و هم منه بـراء ( تقريبا وافتراضا). فقط لأنهم تماشوا مع ما طلب منهم أو تعرضت له المخرجات من ظروف غير منسوبة في التصميم أساسا. والتبسيط هذا مثـل من يسوق السيارة في الرمال وهي مصممة للاسفلت. وقد كشفت الأمطار الغزيرة في أفضل مدينة لدينا وأكثرها إنفاقا على المشاريـع الرأسمالية في المنطقة عبر أربعة عقود وهي مدينة الرياض ومدن أخرى قبلها على ماكنا نتكلم عنه لفترة طويلة هندسيا وتصميما. ضرورة تغيير المواصفات والإنشاء والتصميم لتتماشى مع ظروف مناخية متطرفة ولا أقصد هنا الأمطار ولكن تباين درجات الحرارة بل ووصولها في الصيف إلى أكثر من خمسين درجة مئوية.
إن المباني والمنتجات بصفة عامة من أصغرها مثـل الأوعية البلاستيكية وأكبرها مثـل الأبراج السكنية أو التجارية تـتعرض لدينا لأصعب الظروف الثيرودايناميكية والبيئية والتنفيذية. طبعا هذا الموضوع متخصص ولكن مهم وسهل الشرح لغير المتخصص. ولنبدأ بالأوعية البلاستيكية أو الورقية كمثـال حي وسهل الفهم ففي دولة مثـل المملكة العربية السعودية وهي تبيـع منتجا أمريكيا مثـلا ومصمما على ظروف أمريكية ولكبر حجم اقتصادها وسرعة حركة المنتجات من المصانع إلى المستهلك لا تختزن فيها المنتجات أبدا بل تخرج من المصنع إلى الرف المكيف خلال ثلاثـة أيام لما يسمى بسياسة just in time أي فقط في الوقت المطلوب تصنع وقت حاجة المشترى للمنتج. بينما في الأسواق لدينا يخزن نفس المنتج أحيانا إلى فترات تصل إلى أربعة أشهـر أو أكثر وخاصة المستورد. تجد أن العامل الفنى الذي ينتج نفس المنتج هنا أقل فنية من العامل هناك. فيكون هذا أول تأثير على المخرج النهائي لأن ما نسميه فنيا بالسيت أب أو الأعداد للمدخلات يغير من خاصية المنتج النهائي. وهذا قد ينطبق على المواد الخام المخزنة أصلا في نفس الظروف الصعبة مثـل ما يحدث للاسمنت والحديد في الإنشاءات. ونسب الخلط للمواد الخام في الخرسانة وإن وجدت عينات لفحوص الجودة لأن هذه العمليات تشوبها نفس التحديات ثيرموديناميكيا. وقس على ذلك إلى أن تصل إلى المنتج النهائي. حتى المهندسين والفنيين ولقلة الخبرة أو لتجنب تحميـل المشاريـع تكاليف عالية إما للربح أو كسب المناقصات تجد تدني مستوى المنفذ بينما المطلوب لا يقل تعقيدا عن نفس المشروع المنفذ في مكان آخر في دول مشابهـة في الظروف. التصميم لمطار قبـل ثلاثين عاما لم يتوقع أن يتعرض المطار لما عرض له من درجات حرارة متطرفة وينشأ من أفـراد مستواهم فنيا أقل ما يتوقع المصمم. ولهذا تجد أن المباني القديمة التي بقيت لليوم من الستينات والسبعينات الميلادية وحتى المباني القديمة في الحرم المكي قبل أن تهدم كانت في وضع جيد لأنها بنيت بمواصفات أعلى وقوة تحمل أكبر لحساب الظروف المتطرفة ومقاومة ثيرموديناميكس الزلازل والحرارة غير الطبيعية وغير المتوقعة.. إذن لا بد من مراجعة المواصفات وكود البناء في المملكة لحماية المستهلك والمستفيد في كل المجالات.